فسيفساء صامتة ورواية أبكم.... بقلم الكاتبة ع قدوري مرافئ الحنين
فسيفساء صامتة ورواية أبكم......!!
قالت:
"أنا امرأةٌ تعترف بجرمها أمام مرآتها،
حكمت على نفسي قبل أن تحكموا،
أنانيةٌ، نعم... ولي الحق أن أكون.
لكنني أدرك، يا سيدي القاضي،
أن الحكم على الأنا يشبه الحكم على البحر،
لا يمكن أن يُسجن الموج في قفص،
ولا أن تُحاكم الريح لأنها تعبر بلا إذن.
فسيفساء أنا... تتناثر حينًا وتلتئم حينًا،
روايةٌ بلا صوت، لكنها تنطق في الصمت،
رفعت الجلسة... لأنني لن أسمح للفصل بين البين والأنا ."
قال:
"رفعتِ الجلسة؟ وأين الحُكم؟ أين النطق بالعدالة؟"
ردّت، بعينين من جمرٍ وشفاهٍ من جليد:
"الحكم ليس بيدي، بل في ذاتي.
أنا القاضي والسجين، وأنا الجريمة والاعتراف.
هل نحكم على القاضي وهو يحمل أوزار من حكم عليهم؟
أم نقبل بسلطته وهو سجين ذنبه؟
أما منطوق الحكم...
فهو مؤبدٌ بألف وجه.
أنانيةٌ كنتُ، اعترفت، وأجرمت بوعيٍ كامل.
لكنني لست وحدي المذنبة.
الشاكي والمشكو إليه وجهان لعملة واحدة.
فالأنانية في الحب جريمةٌ لا عقاب لها،
والموت والحياة لنا خيارٌ واحد: معًا... أو لا أحد ."
صمت قليلاً، ثم قالت:
"سؤالٌ واحد يا صاحبي علّمني كيف أحترف الشطرنج:
هل نُتمّ اللعبة حتى النهاية، أم نترك الرقعة خاوية؟
لكن اعلم، مهما كان الخيار، فنحن جميعًا في الأسر،
سجناء في معابد الخيبة وأحلامٍ لا تُولد.
نحن أبناء الحب والشقاق،
نولد بين العناق ونُدفن بين الجراح،
نعترف، ثم نقيم ولائم على شرف الهزيمة،
نضحك بوجوهٍ باسمة وأعينٍ غارقة في الدموع،
كأننا نشدو أغنية فرحٍ تحت أنقاض معابدنا.
آآآه يا أنا،
حين أواجه ذاكرتي السوداء وأكتشف حقيقتي العارية،
أدرك أن الحية منها ، تتجدد مع كل بصمة عابرة.
وهنا، مربط الفرس:
هل نُتمّ اللعبة ونُجيد الحيلة،
أم نكتفي بتثبيت الهويات التي لا تعنينا؟
الهلال في الأفق، والرؤية ثابتة،
لكن السؤال يعود:
أعيد هو أم آخر رمضان؟
الصبر لنا، والسلوان رفيقنا،
والأمل... ذلك البدر الذي يكتمل ولو تأخر.
تقبّل الله منا انتظارنا،
وبارك في الألم الذي صاغنا."
قال:
"إذن نُتمّ اللعبة، ولكننا نصنع قواعدنا.
نحمل أوجاعنا في صمتٍ نبيل،
ونبني فوق الحطام أبراجًا تعانق السماء.
لن نستسلم للذاكرة السوداء،
سنكتب تاريخًا أبيض بين أصابعنا،
وسنمضي... حتى إن أثقلت خطانا قيود الأمل.
مرافئ الحنين
تعليقات
إرسال تعليق